الأحد 01 فبراير 2015

يحتاج القادة الإستراتيجيون إلى فهم عميق لوسائل السلطة الوطنية وطرق استخدامها لتنفيذ السياسات، وينطوي التنفيذ في المستوى الوطني عادة على الدبلوماسية والاقتصاد والمؤسسة العسكرية وسلطة المعلومات، ومن بين هذه الوسائل الأربع، تبقى المعلومات هي الأدنى من حيث درجة فهمها، ولكن لعلها الأكثر فائدة لدول مثل الإمارات العربية المتحدة. وسلطة المعلومات الوطنية هي عبارة عن استخدام اللغة والصور والبيانات والتكنولوجيا كأداة إستراتيجية لصياغة التصورات ضمن محيط جمهور أجنبي أو محلي لتحقيق مصالح وطنية، وبإمكان أداة المعلومات أن تقوم بالإعلام والتأثير على حد سواء.
 
تركز جهود أية حكومة لإعلام الشعب على تقديم رسائل إلى الجماهير على مستوى العالم تصف أهدافها أو خططها. ولعل تقديم معلومات تتمتع بالمصداقية والدقة هو خير وسيلة للتصدي لأية معلومات مضللة ينشرها الآخرون. وما يكتسب أهمية عظمى في مثل هذه الجهود هو الحفاظ على الشفافية والمصداقية. عندما تمارس الحكومات نفوذها وتأثيرها فإنها تسعى إلى توجيه سلوك جمهور منتقى لدعم أهدافها الوطنية. ومن خلال التأثير تستطيع الحكومات صرف نظر الآخرين، أو تقوية العلاقة وتشجيع التعاون بين المؤسسات وكبار القادة في مؤسسات الشريك الأجنبي. وعلى الرغم من أن جمع المعلومات الاستخباراتية لا ينظر إليه تقليدياً على أنه نشاط معلوماتي، فإن المعلومات من الاستخبارات يمكن أن تفيد وتؤثر بطرق قوية جداً.
 
إن العلاقات الإعلامية (العمل مع وسائل الإعلام بهدف إعلام الجمهور)، والعلاقات العامة (إدارة انتشار المعلومات بين المؤسسة والجمهور)، والدبلوماسية العامة (أنشطة المعلومات العامة الدولية المفتوحة من قبل الحكومات)، مصممة جميعاً لتشجيع أهداف السياسة الخارجية من خلال السعي لإعلام الجماهير الأجنبية والتأثير فيها. وهي تستخدم لإشراك هذه الجماهير لكي تبدع وتعزز وتحافظ على الأحوال المناسبة لدعم المصالح الحكومية من خلال استخدام عملية بعث الرسائل المنسقة، والمتزامنة بالشكل الأمثل مع استعمال وسائل أخرى للسلطة الوطنية. كذلك يمكن للتفوق المعلوماتي - وهو الميزة المستفادة من القدرة على معالجة المعلومات ونشرها أثناء استغلال قدرة شخص آخر على فعل ذلك أو حرمانه من تلك القدرة، أو فعل ذلك بسرعة – أن يكون حاسماً أثناء الأزمات. كما يمكن أيضاً أن تستغل بعض الدول سوء تفسير المعلومات والدعاية أيضاً.
 
ثمة تحديات تواجه استخدام المعلومات بشكل فعال. ففي هذه الأيام نجد أن القدرة على الوصول إلى المعلومات وجمعها ونقلها أصبحت غير مركزية إلى حد بعيد، بحيث تصل إلى كل شخص لديه جهاز هاتف، وقد أصبحت التكنولوجيا بصورة متزايدة أصغر حجماً وأسرع وأقل تكلفة. وبالتالي فإن قدرة الدول على إدارة المعلومات والتحقق منها غدت مشحونة بالمصاعب، ولم تعد سهلة على الإطلاق. وإن مقدار المعلومات المحضة المتاحة اليوم تزيد من تعقيدات المساعي الحكومية. فالدول التي تسعى للسيطرة على المعلومات قد تجد نفسها مغلوبة على أمرها، لأن استخدام المعلومات قد شاع كثيراً، والقدرة على الاتصال تزداد باستمرار وبمتوالية هندسية. ولذلك فإن استراتيجيات المعلومات الذكية تركز على محاور أساسية وقضايا حساسة.
 
لكن الهوية الوطنية إذا ما تم نقلها بشكل فعال فيمكن أن تنتج سلطة معلومات وطنية، ومن ثم نفوذاً كبيراً. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع بهوية وطنية قوية حتى في حقبة العولمة الحالية، ويلعب النفوذ الثقافي لدولة الإمارات دوراً مهماً في ممارسة سلطتها. فدولة الإمارات تتميز بصفات (مثل الوحدة والاستقلال والأعمال الخيرية والوفاء) توحي وتبعث الطمأنينة في نفوس العديد من الشعوب والدول الأخرى. كما تمثل المعلومات وسيلة عظيمة الفائدة بالنسبة إلى دولة ليس من المحتمل أن تستخدم القوة العسكرية من طرف واحد، وتمتلك ثروة هائلة، ولكن نفوذاً اقتصادياً محدوداً نسبياً، وتتصرف دبلوماسياً بشكل أساسي من خلال وكالات متعددة الأطراف. وليس هناك من شك في أن دولة الإمارات تستطيع إلهام الدول الأخرى من خلال كونها مثلاً يحتذى أو باتخاذ موقف يتماشى مع قيمها الثقافية السامية. وبالنظر إلى سمعتها المرموقة وهيئات لديها مثل "تو فور 54" في أبوظبي، فإن سلطة المعلومات الوطنية التي تتمتع بها دولة الإمارات يمكن أن تؤثر في، بل وتعزز تأثير الوسائل الأخرى. وهكذا نجد أن سلطة المعلومات يمكن أن تكون أكثر الطرق قيمة لتحقيق هذه الأمة أهدافها الوطنية.