الثلاثاء 01 مارس 2016

قد يتطلب تحقيق المصالح الوطنية استخدام القوة العسكرية، وغالباً ما يدفع استخدام القوة العسكرية الأمة إلى مراجعة، بل وزيادة، التدابير الاحتياطية الرامية لحماية البنية التحتية الوطنية. فحماية بنيتنا التحتية الأساسية تمثل ضرورة لا غنى عنها لضمان استمرار ازدهار الدولة وسلامة أرواح المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
إن الهجومين بصواريخ توشكا في اليمن (اللذين وقع أحدهما في محافظة مأرب في الرابع من سبتمبر، والثاني في الرابع عشر من ديسمبر في محافظة تعز) يذكراننا بالتهديد الحقيقي المتمثل في هذه الصواريخ إن سقطت في أيدي الذين يسعون لإلحاق الأذى بنا. على المستوى العملياتي، يعتبر الرد على هذه الهجمات «حماية للقوات». يعرّف الكنديون «حماية القوات» بأنها «إجراءات تتخذ للمساهمة في نجاح المهام بالحفاظ على حرية الحركة والفاعلية العملياتية، من خلال إدارة المخاطر، والتقليل من نقاط الضعف واالانكشاف لدى العناصر، والمعلومات، والعتاد، والمنشآت، والأنشطة.» وتنطبق حماية القوات على البيئات البحرية والبرية والجوية والمعلوماتية، وحتى البيئات الفضائية، وهي ضرورية أثناء جميع مراحل أي عملية من العمليات، ابتداء من الانتشار وانتهاء بالعودة. ويجدر ملاحظة أن حماية القوات أثناء العمليات تركز أساساً على منع العدو من توقع تحركات الوحدات العسكرية وعناصرها، وهذا أمر للأسف يكاد يكون مستحيلاً القيام به على المستوى الوطني. 
 
تعتبر حماية المنشآت الحيوية مفهوماً استراتيجياً مشابهاً؛ إذ ينطوي على الاستعداد والاستجابة للأحداث التي تهدد البنية التحتية الأساسية للوطن. وغالباً ما تعتبر الأنظمة والشبكات التي تكون البنية التحتية لمجتمعنا أمراً بديهياً، لكن تعطيل أي من هذه الأنظمة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة. نجد، على سبيل المثال، أن فيروس الحاسوب الذي يعطل توزيع الغاز الطبيعي عبر البلاد يمكن أن ينتج عنه انخفاض في توليد الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى توقف تام للاتصالات المعالجة آلياً بالحاسوب. ومن ثم تتأثر حركة مرور الطرق البرية والحركة الجوية، كما يؤدي ذلك أيضاً إلى إعاقة خدمات الطوارئ. ويمكن أن تتأثر بذلك منطقة بكاملها؛ بسبب تعطل عنصر حيوي في المنشآت والبنية التحتية، ولسوء الحظ يعرف الإرهابيون أن مهاجمة المرافق المدنية يمكن أن يشل العدو، ولذلك يتعين على المخطِّط الاستراتيجي أن يضمن الحماية للبنية التحتية الوطنية.
 
لا بد أن تشمل البنية التحتية الوطنية أيضاً مرافق داعمة لقطاعات المصارف والمال، والمواصلات، وتوليد الطاقة، والمعلومات، والاتصالات. فقد قامت حكومات عديدة بتطوير أساليب موحدة المعايير  لحماية البنية التحتية، تشمل أعمال القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، وذلك من أجل المراقبة والاستعداد في حال حدوث حوادث مسببة للتعطيل والإعاقة. وتتطلب هذه في العادة من مديري المرافق أن: يقوموا بتقييم نقاط الضعف وإزالته، ووضع أنظمة لاحتواء الهجمات، وإعادة بناء القدرات الأساسية على وجه السرعة. ويتطلب تقييم البنية التحتية تحليلاً للحماية (حالة التدابير الاحتياطية أو الوقائية)، ونقاط الضعف أو الانكشاف (سهولة التأثر والتعرض للضرر)، والمخاطر (احتمالية التعرض للهجوم)، والتخفيف (تقليل نقاط الضعف والانكشاف أو تخفيفها). وفي حال الملكية الخاصة لأي من المرافق أو المنشآت الحيوية للدولة، يتعين على الحكومات ضمان تعاون القطاع الخاص، وكذلك الجهات المحلية أو الإمارة، لضمان حالات التشغيل الطبيعية.
 
تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة أجهزتها الخاصة بحماية المنشآت الاستراتيجية، ومنها جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل الذي تتمثل مهمته في « تأمين وحماية البُنى التحتية الحيوية لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لإمارة أبوظبي – وإن امتدت خارج حدودها» والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، التي تعمل - تحت مظلة وإشراف المجلس الأعلى للأمن الوطني - على «تعزيز إمكانيات دولة الامارات العربية المتحدة في ادارة ومواجهة الطوارئ والازمات والكوارث، ووضع متطلبات ضمان استمرارية العمل خلالها والتعافي السريع منها، بالاستعداد والتخطيط المشترك، باستخدام كافة وسائل التنسيق والاتصال على المستوى الاتحادي والمحلي»، كما تقوم الهيئة بوضع الإجراءات الوطنية لضمان سلامة أرواح المواطنين والمقيمين على أرض الدولة وحفاظاً على المكتسبات والممتلكات. 
 
إننا نشترك جميعاً في تحمل المسؤولية عن حماية بنيتنا التحتية الأساسية، وضمان استمرار الازدهار والرخاء للوطن وجميع المقيمين على ترابه. كذلك تذكرنا الهجمات الصاروخية في اليمن، والزلزال القريب العهد الذي وقع مؤخراً في تايوان، بالحاجة إلى الحماية، ولعل حدوث أي هجوم في المستقبل على نظام “سكادا” (نظام التحكم الإشرافي وجمع البيانات) عبر الإنترنت يمثل تهديدات أكبر خطراً من الصواريخ. ويعتبر امتلاك أجهزة وهيئات، مثل جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، مصدر فائدة لنا جميعاً، غير أننا نحتاج إلى معرفة كيف نضمن المحافظة على الازدهار الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقود القادمة، بغض النظر عن التهديد.