السبت 01 أكتوبر 2016

تتطلب حماية المصالح الوطنية لأي دولة تطوير القدرات لكي تواجه أنواعاً عديدة من التحديات. قد لا يكون بعض هذه القدرات ضرورياً في كل يوم، أو قد يكون باهظ التكلفة بشكل يفوق القدرة على الاحتفاظ به لفترة طويلة من الزمن. وتشمل القوة الوطنية الكامنة تلك القدرات أو الموارد التي تستطيع الدولة إنتاجها عند الحاجة إليها.
 
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل من الدول الأكثر مرونة في المنطقة، غير أن تحسين قدرتها على تطوير القوة عندما تدعو الحاجة إليها استراتيجياً سيفضي إلى تحصين رخائنا وازدهارنا ضد التهديدات غير المتوقعة أو غير المحتملة في الأعوام القادمة بطريقة تتصف بفاعلية التكلفة.
 
يتم التعبير عن القوة الوطنية الكامنة عادة بتعبئة القدرات، وقد تشمل هذه القدرات عدد السكان، أو موارد أخرى يمكن أن يكون لها تأثير سريع في وقت الأزمة، ولكن الاحتفاظ بها وصيانتها لا يكلف الدولة كثيراً. ومن الأمثلة التقليدية عليها جنود الاحتياط العسكريون، والمخزون من المعدات الأساسية، وقطع الغيار، وحتى السفن الموجودة خارج الخدمة.
 
لعل الخدمة الوطنية هي خير مثال على القوة العسكرية الكامنة لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ إذ من خلال توجيه وتوفير التدريب الأساسي والمهارات العسكرية، لعدد كبير من المواطنين المتوافرين لدعم احتياجات الأمة عندما تتم دعوتهم، تبني دولة الإمارات القدرات التي قد تحتاج إليها في أوقات الأزمات، دون أن تضطر إلى الدفع يومياً مقابل استخدامها. ويبقى هؤلاء الإماراتيون المدربون في الخدمة الوطنية قوة كامنة إلى أن يحتاج الوطن إليهم، وعندئذ ينهضون للدعم والمساندة.
 
ويمكن أيضاً اعتبار تطوير مصادر وطنية لإنتاج منظومات الأسلحة نوعاً من أنواع القوة الكامنة. فبدلاً من الاضطرار إلى الاعتماد على هبة الأصدقاء والحلفاء، تستطيع الدولة أن تطور قدراتها الإنتاجية ضماناً لمصدر المعدات العسكرية في أوقات الحرب. وتعتبر شركة الإمارات للصناعات العسكرية (إديك) والشركات التابعة لها (كاركال، وبركان، ونمر، وغيرها)، وشركة أبوظبي لبناء السفن، أمثلة ترينا كيف عززت دولة الإمارات مرونتها الاستراتيجية في هذا المجال، وأوجدت مصادرها الخاصة للقوة الكامنة.
 
يمكن أيضاً بناء القوة الكامنة في مجالات أخرى تحتاج الدولة إليها في أوقات الأزمات. فصناديق الثروة السيادية تعد أدوات استثمارية تسمح لدولة الإمارات «بتخزين» إمكانات مالية ضخمة لأوقات الحاجة إليها، أو للفترات التي تهبط فيها أسعار النفط.
 
ويسهم التخزين الاستراتيجي للنفط لدى دول أخرى (مثل اليابان) في تمكين دولة الإمارات من حمايته وامتلاك احتياطي للقوة الاقتصادية الوطنية خارج حدودها. كما أن المشاركة كمراقبين أو مضيفين للمنظمات العالمية (مثل منظمة حلف شمال الأطلسي – الناتو، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة - آيرينا) تضفي على دولة الإمارات مصداقية دبلوماسية كبرى، وتدعم ثقل جهودها الدبلوماسية في كل يوم، في الوقت الذي لا تلتزم فيه بالعمل بشكل فوري.
 
ومن المؤكد أن هذه القوة المضافة في أوقات الأزمات ستمثل مصدراً مفيداً يمكن استغلاله. وأخيراً، فإن الدور المهم الذي تؤديه دولة الإمارات (في جهودها ضد الإرهاب كمرتكز ثقافي للمنطقة) سيعطيها مزيداً من التأثير على الصعيد العالمي عندما تدعو الحاجة إلى أخذ رسالتها في الاعتبار وإيلائها الأهمية المناسبة أثناء الحرب أو الكوارث.
 
على الرغم من أنه لا يوجد شك في أن التحديات المستقبلية ستظل تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد تم إعداد كافة الخطط والقدرات اللازمة لتدعيم استخدامنا الفعال للقوة الوطنية، علاوة على أننا من خلال حكمة قيادتنا نمتلك قوة كامنة هائلة متاحة لنا في الخلفية، تم تطويرها بتكلفة بسيطة نسبياً، وجاهزة لإضافتها إلى قوة الدولة في أي جهد من الجهود.
 
وعندما تبرز تحديات مستقبلية فمن المؤكد أن مخزون القوة الكامنة اللافتة بدولة الإمارات سيخدم شعبها تماماً، ويضمن أيضاً أمن مصالحنا الوطنية بتكاليف معقولة.