الثلاثاء 01 مايو 2018

يُعَدّ هذا المقال حول استراتيجية التأثيرات المشتركة استمراراً للمقالين السابقين: «الجمع بين النظرية والتطبيق» و «من أساسيات التفكير الاستراتيجي».
 
عندما نجمع بين النظرية والتطبيق فإننا نفعل ذلك لتحقيق أهدافنا؛ إذ تمثل النظرية مصدر إلهام، وكذلك تعتبر مرشداً بشأن كيفية العمل. وتمثل المحاور الستة لرؤية الإمارات 2021 مصدر إلهام بالفعل، وهي: مجتمع متلاحم محافظ على هويته، واقتصاد معرفي تنافسي، ونظام صحي بمعايير عالمية، وبيئة مستدامة وبنية تحتية متكاملة، ونظام تعليمي رفيع المستوى، ومجتمع آمن وقضاء عادل.
 
يمكننا من خلال تطبيق أساسيات التفكير الاستراتيجي أن نطوّر طرقاً ووسائل لتحقيق هذه المحاور. لو أخذنا – على سبيل المثال – محور الاقتصاد المعرفي التنافسي، يستتبع ذلك الحاجة إلى اجتذاب وتطوير الوسيلة المناسبة لتحقيقه، ويتمثل أحد الخيارات المعقولة في قوة عمل ونظام تعليمي ينشئ المعرفة بمستويات تنافسية على الصعيد العالمي. وتتولى دولة الإمارات العربية المتحدة هذا بطرق مختلفة منها قصير الأمد ومنها طويل الأمد: بصورة غير مباشرة من خلال استعارة العمالة والمعرفة من أماكن أخرى، وبصورة مباشرة من خلال تطوير مهارات عمل ومسارات تعليمية وطنية.
 
يعتبر هذا الوصف مقاربة تقليدية تجاه الاستراتيجية، مشابهة لما ننظمه ونطبقه في حرب الأسلحة المشتركة؛ حيث يتم الجمع بين طرق ووسائل متكاملة فيما بينها لخلق نقاط قوة تسهم في تحقيق غايات مفيدة. دعونا أيضاً نذكر أن التفكير استراتيجياً يعني الأخذ في الاعتبار إمكانية أن تكون الغايات والطرق والوسائل متبادلة فيما بينها، وبالتالي فإننا قد نستعمل اقتصاداً معرفياً تنافسياً كوسيلة لتحقيق نمو اقتصادي أكثر تنوعاً، وتختلف الطرق المتبعة للقيام بذلك أيضاً، من التشاركية المتجهة من الأعلى إلى الأسفل، إلى رأسمالية السوق الحرة المتجهة من الأسفل إلى الأعلى.
 
تتمثل استراتيجية التأثيرات المشتركة في اختيار مجموعة متنوعة من التأثيرات المرغوبة الأكثر تنافسية من التأثيرات المبنية كل على حدة. وبالعودة إلى رؤية الإمارات 2021، يمكن السؤال عن أي مجموعة مشتركة من تلك الأهداف يمكن أن تخلق تآزرات قوية؟ يعتبر الاقتصاد المعرفي التنافسي والنظام التعليمي الرفيع المستوى خيارًا محتملاً؛ لأن كل هدف يمكن أن يعزز الهدف الآخر. ويجادل البعض بأن جميع الأهداف والمحاور متوافقة ومتعاضدة. 
 
وسوف تحدد استراتيجية التأثيرات المشتركة أي المجموعات المحتملة من المرجح أن تخلق مزايا حاسمة ضمن طرق ووسائل مجدية. وهناك العديد من أنواع الأنظمة التعليمية الرفيعة المستوى، ولكن يا تُرى أي نوع منها سيؤدي إلى نوع الاقتصاد المعرفي التنافسي الذي يمكن أن تلتزمه الدولة؟ هذه هي الأسئلة الاستراتيجية من الدرجة الأولى التي تركز على خلق تأثير مشترك متفوق.
 
لننظر الآن في تطبيق مقاربة التأثيرات المشتركة على الاستراتيجية العسكرية. لنأخذ سؤالاً صعباً:  أي محاور رؤية الإمارات 2021 يمكن للقوات المسلحة الإماراتية المساهمة فيها من خلال العمليات الجارية في الخارج؟ في غياب إضافة أهداف ومحاور جديدة لرؤية الإمارات 2021، يبدو أن الهدف المتمثل في وجود مجتمع متلاحم محافظ على هويته هو أفضل الأهداف المناسبة. وفي هذه الحالة، يجب تنفيذ العمليات في الخارج بطريقة تعزز التماسك الداخلي وتحدد الهوية الوطنية. كيف ننتج التأثيرات التي تسهم في تحقيق هذا المزيج؟ ويمكن أن تستهدف هذه الوسائل الإرادة والقدرات، وذلك باستخدام طرق نفسية وجسدية.
 
من خلال توظيف استراتيجية التأثيرات المشتركة، تتمثل الفكرة الرئيسية في خلق نتائج متفوقة، وليس مجرد عمليات أو جهود متفوقة. ويتلخص التحدي في تحويل خطوط العمليات وخط الجهد إلى خطوط من التأثيرات. ينسجم هذا النهج مع انطباعي عن التطلعات والممارسات الإماراتية. وسوف يتناول المقال التالي كيفية التخطيط لإيجاد التأثيرات المشتركة.