الأحد 01 ديسمبر 2013

يركز كثير من الناس على التحدي التقليدي المتمثل في انتشار تنمية القدرات النووية، ولا سيما في إيران. لكن عدداً من التحديات المماثلة والمعادلة لها في الفتك تبقى دون أن تنال الاهتمام اللازم بها. ويفترض بالجميع أن يكون على وعي بتهديدات انتشار أسلحة الدمار الشامل التي تنبع من أسلحة غير نووية، وبصورة خاصة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
 
تمثل الحالة السورية الراهنة مثالاً يوضح هذا. فعلى الرغم من تركيز معظم الدول على تطوير قدرات التسلح النووي الإيراني، فإن استخدام غاز الأعصاب، السارين، في سوريا في شهر أغسطس عام 2013، هو الذي أحدث صدمة في العالم بأسره. ومثل هذه الهجمات ليست جديدة، فقد وقع أول هجوم كيماوي إقليمي في العصر الحديث في اليمن في عام 1963. وفي عام 1967 حدث أكبر هجوم بالأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية اليمنية في قرية قطاف. وفي وقت لاحق من ذلك العام تم قصف قريتي جهار وقدافة بالغاز أيضاً. وتختلف تقديرات الخسائر في الأرواح، غير أنها تدل على أن الأسلحة الكيماوية أوقعت ما يقارب 1,500 ضحية أثناء الصراع.
 
وأثناء الحرب العراقية سقط نحو 120,000 جندي ضحايا الهجمات بالمواد الكيماوية وغاز الأعصاب، ولا يشمل ذلك الرقم المدنيين الذين أصيبوا بالتلوث في المناطق القريبة. وما يزال نحو 80,000 ممن بقوا على قيد الحياة بعد تلك الهجمات يعالجون في المستشفيات في أحوال مأساوية. 
 
وبعد نهاية الحرب عام 1988 بوقت قصير، هاجمت القوات العراقية قرية حلبجة، فتعرضت البلدة بكاملها للأسلحة الكيماوية، الأمر الذي أدى إلى وفاة نحو 5000 من سكانها. وتبقى حلبجة أكبر هجوم كيماوي موجه ضد منطقة مأهولة بالسكان في التاريخ.
 
كان أول هجوم إرهابي بغازات كيماوية قد حدث عام 1994، عندما أطلقت طائفة أوم شنريكو غاز السارين في اليابان. وفي العام التالي أطلقوا غاز السارين في أنفاق القطارات في طوكيو، وقتلوا بذلك 12 شخصاً وأصابوا أكثر من 5,000 شخص. وفي بداية عام 2007 تحدثت تقارير عن عدة هجمات إرهابية بغاز الكلور نسبت إلى القاعدة في العراق، حيث أصابت تلك الهجمات أكثر من 350 شخصاً. 
 
يقضي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1540 بأن تطبق الدول الأعضاء إجراءات ضد انتشار هذه الأسلحة، وهو يرمي أيضاً إلى منع انتشار أسلحة الدمار الشامل إلى الجهات الأخرى من غير الدول. فهناك شركات تبيع مواداً - لا تعتبر من الناحية التقنية أسلحة دمار شامل - إلى الصينيين الذين يبيعونها بدورهم إلى الكوريين الشماليين الذين يبيعونها بدورهم أيضاً إلى دول أخرى، بعضها في منطقتنا. ويتم العديد من هذه الصفقات التجارية من دون أن تلفت الانتباه، مما يعني أن دولاً مثل سنغافورة والإمارات العربية المتحدة قد ينتهي بها الأمر كمواقع محتملة لعمليات الانتقال هذه.
 
ينبغي السيطرة على انتشار أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية. وللأسف – كما كتبت كارول وجمشيد تشوكسي – "فقد تم إبرام ستة اتفاقات، ومعاهدتين، وبروتوكول، ونظام، وعملية تنسيق، وقانون، ومبادرة، وعشر معاهدات إقليمية أو مناطقية، منذ عام 1925 للسيطرة على أدوات القتل الجماعي هذه. ومع ذلك فإن معظم الاتفاقات لا تتطلب سوى الموافقة السلبية وتغلب عليها اعتبارات النفوذ السري، والسعي وراء المنافع، وانتشار الأيديولوجيات. ونتيجة لذلك تزداد مخاطر وصول الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إلى الجهات من غير الدول."
 
ولكي نمنع ازدياد توافر هذه الأسلحة بصورة أفضل، يتعين على الدول أن: تعمل على سد الثغرات، وتمكين عملية تبادل المعلومات، والقضاء على البرامج الموجودة سابقاً بشكل مأمون، ومعالجة عواقب استخدام أسلحة الدمار الشامل، مع التركيز بشدة على إيران وكوريا الشمالية وباكستان. كما ينبغي أن تركز الدول أيضاً على الصلة بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب، وأن تبقى من الأولويات القصوى في المستقبل المنظور قضية حيازة الإرهابيين قدرات كيماوية أو بيولوجية. ومثل هذه الجهود تتطلب تعاوناً دولياً، ومعلومات استخباراتية جيدة، ودعماً شعبياً، واستراتيجيات مركزة، لكنها تبقى في مصلحة جميع الدول.