الخميس 01 يوليو 2021

استعداداً للاحتفال بالذكرى الخمسين لقيام الاتحاد، تتوالى إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في شتى المجالات ومنها الإنجازات السياسية. فقد أثبتت الإمارات دورها المهم والفعال على المستويين الدولي والإقليمي، واليوم يعكس إنجازها بالفوز في مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي مدى الإيمان العميق لدول المجلس بدور دولة الإمارات الاستراتيجي، ونجاح كافة جهودها الدولية في المحافل الدولية، وقدرتها على حل المشاكل الدولية والإقليمية.

تؤمن دول العالم بالدور الكبير الذي تضطلع دولة الإمارات العربية المتحدة كعنصر فاعل ومؤثر وإيجابي في المنظومة الدولية. حيث تمثل الإمارات مجموعة آسيا والمحيط الهادي، وتمثل أيضاً الصوت العربي من خلال انتخابها عضو غير دائم بمجلس الأمن بحصولها على 179 صوت من أصل 190 صوت من أصوات الجمعية العامة. لقد انتخب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة من 2022-2023 إلى جانب الدول ألبانيا، والبرازيل والغابون وغانا. ولقد كسبت دولة الأمارات بكل جدارة ثقة العالم بكفاءتها وبسياستها الحكيمة، وقيمها الإنسانية، فهي نموذج مثالي يحتذى به في العلاقات الدبلوماسية ويساهم في تعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعوب.

لقد سجلت الإمارات فوزاً تاريخياً ومستحقاً، نتيجة الجهود والكفاءات الدبلوماسية الإماراتية واستراتيجيتها البناءة. إن السجل التاريخي للمنجزات والعطاءات والتعامل الأخلاقي لدولة الإمارات مع كافة الشعوب في العالم جعلت منها مثالاً يحتذى به كدولة حضارية متميزة تقوم على الإنسانية والتسامح مما دفع دول العالم للتصويت بأغلبية ساحقة لها كعضو غير دائم بمجلس الأمن.  

لماذا دولة الإمارات؟
إن الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات يؤهلها للقيام دور دولي مميز مدعوماً بدبلوماسية نشطة، وقدرة دولة الإمارات على خلق أرضيات مشتركة لكافة دول العالم، وهذا يساهم في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في العالم. بالإضافة لذلك، تمتلك الإمارات شبكة علاقات دبلوماسية ضخمة، وقوة ناعمة كبيرة جداً، حيث تحتل الإمارات مركزاً عالمياً متقدماً في القوة الناعمة المركز (17)، وبالإضافة إلى أنها الأولى إقليمياً في تأثير القوة الناعمة.

للإمارات دور فعال ومهم في حل العديد من القضايا العالمية العالقة والساخنة في سعيها لحلها بكل دبلوماسية من خلال المشاورات والمباحثات، حيث تتجلى أدوارها التاريخية في صنع السلام (صناعة السلام بين أثيوبيا وأريتريا)، وتذليل كافة الصعوبات والعقوبات أمام اتفاقية السلام في السودان، والمساهمة لحد كبير في إنهاء التوتر بين الهند وباكستان، فضلاً عن قدرتها على بناء جسر توافقي مع كافة دول العالم بحكم موقعها السياسي المميز وعلاقاتها الدبلوماسية المتميزة مع كافة دول العالم.

وللإمارات دور ريادي فاعل في مجال العمل الإنساني، حيث نلاحظ الدور الكبير الذي تقوم به هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في مجال تقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية في كافة أنحاء العالم، وأيضاً الدور الذي تقوم به العديد من الجمعيات الخيرية في الدولة في تقديم المساعدات الإنسانية للكثير من شعوب العالم المتضررة. بالإضافة للمساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات في جائحة كورونا(كوفيد-19) حيث امتدت مساعداتها لنحو 129 دولة في العالم. 

تعتبر دولة الإمارات ذات اقتصاد قوي وجاذب للاستثمارات إضافة لامتلاكها جانب قوي في الدور الخارجي لسياستها، وهذا ما عملت عليه القيادة الإماراتية، مما فرض حضورها القوي على المستوى الإقليمي والدولي. وتعتبر الدولة المركز العالمي المتميز في المجالات الاقتصادية، ومجالات الاستثمارات والتجارة، حيث تمتلك الإمارات قوة اقتصادية هائلة متمثلة بالتنوع والاستقرار، وأحد المراكز المهمة في مجال الابتكار والإبداع العالمي، حيث تم تصنيف الإمارات عالمياً ضمن العشرة الأوائل في مجال استقرار الاقتصاد والأمن والأمان، والتأثير الدبلوماسي العالمي.

إن المصداقية والواقعية والشفافية التي تتحلى بها سياسة الدولة بقيادتها الحكيمة تؤهلها لتتبوأ هذه المكانة المهمة في مجلس الأمن وتحقيق مجتمع دولي مستقر وآمن ومتحضر. وما تتمتع به دولة الإمارات من علاقات طيبة وعلاقات إنسانية وعلاقات تعاون مع كافة دول العالم، هذا يسهل تقريب وجهات النظر خاصة بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. ودائماً تفضل دولة الإمارات تغليب لغة الحوار على لغة القوة خاصة في التعامل مع القضايا والأزمات المعقدة. وتمتلك شبكة واسعة وكبيرة من الأصدقاء والشركاء والحلفاء في العالم، لأنها تمتلك نموذج تنموي متقدم وأسلوب معرفي فاعل مبني على قيم التسامح والاعتدال ونشر السلام والانفتاح على كافة الثقافات، وإرساء مبادئ التعاون والقيم النبيلة، فهي دولة تنشد المحبة والسلام والازدهار في العالم. بالإضافة إلى الإيمان العميق لكافة دول العالم بأن الإمارات تسعى وتؤكد دائماً على السلام والتسامح والحوار المثمر وإعادة الحقوق إلى أصحابها.

أبعاد العضوية على المستوى الأمني والسياسي والعسكري:
إن أحد الأبعاد الهامة لعضوية دولة الإمارات في مجلس الأمن هو تحقيق الفرصة الكبيرة لحفظ السلام والأمن الدوليين، وأن يكون لديها معيار صنع جسور والعيش معاً، والتعاون معاً، والتسامح لبناء عالم تسوده المحبة والأمن والسلام. بالإضافة لذلك امتلاكها النفوذ السياسي والتأثير العسكري القويين على المستوى الدولي، حيث أن العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن تعطي الإمارات دوراً ريادياً ويفتح آفاقاً واسعة، ويساهم في دعم القضايا العالمية. ويساهم حصول دولة الإمارات على مقعد غير دائم في مجلس الأمن على توسيع وتنويع خيارات تحركها السياسي والعسكري على الساحة الدولية، وذلك يتجلى في تعزيز علاقاتها مع القوى العالمية الكبرى وكافة القوى الإقليمية المؤثرة والناشئة، وإقامة شراكات استراتيجية مع العديد من الدول في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

إن تشكيل علاقات الصداقة وعلاقات تعاون مع دول العالم يساهم في تحقيق ترتيبات أمنية للأمن سواء على الصعيد الإقليمي أو العربي أو الدولي وذلك فيما يشهده العالم من تطورات ومتغيرات ومواجهة التحديات والتهديدات من خلال فتح قنوات حوارية مع كافة الأطراف والشركاء والحلفاء في العالم، حيث أن حصول دولة الإمارات على مقعد غير دائم في مجلس الأمن يساهم في بناء البعد الأمني للمنطقة العربية من خلال مساعيها الدائمة والمستمرة في إرساء ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.

وأحد الأبعاد الرئيسة الذي يمكن أن تركز عليه دولة الإمارات هو المساهمة في حل القضايا العربية العالقة من خلال دورها السياسي الفاعل كعضو غير دائم في مجلس الأمن، حيث أن المنطقة العربية مثقلة بالخلافات والنزاعات، فالبعد الأساسي في تمثيل الإمارات بمقعد غير دائم في مجلس الأمن يرسم لتصميم خارطة طريق مثالية قد تدفع نحو حلول من خلال تسويات شاملة وعادلة ودائمة للأزمات. وتمتلك دولة الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن بعداً سياسياً مهماً وفعالاً خاصة في القضايا العربية وذلك من خلال كسر الجمود في العمليات السياسية، والعمل على إسماع المجتمع الدولي الصوت العربي الذي لا يمكن أن يتهاون في الدفاع عن قضاياه.

وتمتلك أيضاً بعداً مهماً في مواجهة التهديدات الأمنية العالمية الجديدة وخاصة في مكافحة وباء كورونا والتغير المناخي وضرورة الاعتماد على الطاقة المتجددة والقيام بأدوار ومسؤوليات ومهام تتجاوز وتتعدى المحيط الجغرافي والإقليمي للدولة، بل يتعدى ذلك ليصل إلى العالمية فالطموح الذي تسعى له الإمارات طموح عالمي.

مسؤولية دولة الإمارات تجاه هذه العضوية على الصعيد الإقليمي والدولي:
ستلعب دولة الإمارات مسؤوليتها كمنصة على الصعيد العالمي في دورها الهام في تمثيل صوت قضايا العالم العربي وقارة أسيا، لأن التمثيل يعتبر إنجاز دبلوماسي لتمثيل المجموعة العربية، وآسيا ومنطقة المحيط الهادئ. بالإضافة لذلك، سيترتب على القيادة الرشيدة المسؤوليات التالية:
تصميم برنامج متكامل للقضايا التي ستدافع عنها في مجلس الأمن الدولي، وعلى كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وقضايا الآمن الصحي والاهتمام بقضايا الفقر في دعم البرامج التنموية والإنسانية في بعض دول العالم، وقضايا التغير المناخ واعتماد الطاقة المتجددة وحماية البيئة من التلوث.
التمهيد لإيجاد حلول سياسية دائمة بما يتوافق مع المصالح العربية وكسر الجمود وحل الخلافات القائمة والنزاعات والصراعات في العالم وتقليل التوترات وخاصة في المنطقة العربية. واعتماد استراتيجية ومنهجية فاعلة وإيجابية ونشطة في حل القضايا العالقة والملفات الساخنة التي يشهدها العالم.
وضع رؤيا واضحة في التصدي لجائحة كورونا وذلك لنجاحها في معالجة هذا الملف على صعيد الدولة وتعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول في العالم في معالجة هذا الوباء.
قيام دولة الإمارات بدور كبير في العمل تعزيز ركائز القانون الدولي، من خلال تدعيم القانون الدولي هذا يدعم ويساهم في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ورفض ازدواجية المعايير في مجلس الأمن الدولي لأن ذلك يحول دون تنفيذ مجلس الأمن واجباته وتحمل المسؤولية تجاه الحفاظ على الأمن والسلم العالميين.
أما المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتقها كعضو في مجلس الأمن فهي قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف في كافة أنحاء العالم.

وفي الختام، هنيئاً للقيادة الحكيمة في دولة الإمارات على هذا الإنجاز المميز، والنموذج الدبلوماسي الفريد والمتميز ودورها الرائد والفريد في بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعوب. فقد اكتسبت الإمارات عن جدارة ثقة العالم بسياستها، وقدمت نموذجاً ديبلوماسياً يحتذى به في تعزيز العلاقات بين الدول والشعوب لخدمة الإنسانية.