الأربعاء 01 فبراير 2017

يعتبر الأمن القومي أحد المتطلبات والركائز الأساسية لأي دولة. فحماية المصالح القومية لأي دولة تتطلب وضع استراتيجيات وخطط لمواجهة عدة تحديات كثيرة ومتنوعة. ورغم إمكانية تحقيق الأمن الفعال في عالمنا المعولم اعتمادا على عدة مصادر متنوعة، إلا أنه يتعين على كل دولة أن تبحث عن طريقها الاستراتيجي الخاص بها. ومن حسن الحظ أن السياسة القومية الفريدة التي تتبعها دولة الإمارات لتحقيق الأمن القومي تعتبر إحدى نقاط القوة البارزة التي تتمتع بها الدولة.

وقد نجحت دولة الإمارات في بناء هوية وطنية فريدة، وهي الهوية التي تمثل إحدى عناصر الثقافة الوطنية التي تمنح الدولة القوة التي تحتاجها سياساتها وقراراتها.

هذه الهوية الوطنية هي التي تمنح الزخم اللازم للسياسة التي تعتمدها دولة الإمارات في الدفاع عن مصالحها الوطنية، كما أنها، وهذا هو الأهم، تحدد المسار الذي ستتخذه السفينة الإماراتية في إبحارها على الساحة الدولية. وتحدد دولة الإمارات مسارها بما يعظم قوتها الوطنية وبما يعود عليها بأكبر مما تحصل عليه أي دولة أخرى مثلها. فالمقاربة التي تتبعها دولة الإمارات في استخدام القوة الذكية الفعالة تستحق أن تكون مثالا ونموذجا  تحتذيه بقية الدول الأخرى.

ويحلو للبعض أن يطلق على دولة الإمارات اسم “إسبرطة الصغيرة” بعد أن نجحت في إثبات قوتها العسكرية في ظل ظروف هي الأصعب على الإطلاق. ولكن الحقيقة هي أن القوة العسكرية لدولة الإمارات ليست سوى جزء يسير من النفوذ الكبير الذي تتمتع به الدولة في المحافل الدولية.

فدولة الإمارات تخوض نزالا دبلوماسيا أكبر من وزنها الحقيقي بفضل استخدامها الذكي للقوتين الاقتصادية والثقافية. كما تستخدم الدولة نفوذها بما يؤدي إلى تعظيم تأثيرها على القضايا التي تهم مستقبلها.

وقد نجحت دولة الإمارات في وضع سياسة فريدة حول كيفية استخدام القوة الوطنية الذكية، حيث تتيح صناديق الثروة السيادية للدولة إمكانية استخدام قوتها الاقتصادية الكبيرة ، كما أن مخزونها الاستراتيجي من النفط لدى الدول الأخرى يمنح دولة الإمارات احتياطيا استراتيجيا من القوة الاقتصادية الوطنية خارج حدودها الفعلية.

وتأتي المشاركة القوية في المنظمات الدولية (مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) لتمنح دولة الإمارات مصداقية دبلوماسية وتضيف ثقلا نوعيا لجهودها الدبلوماسية. كما أن الدور العسكري والدبلوماسي الرئيسي الذي تلعبه دولة الإمارات على صعيد مكافحة الإرهاب يمنح الدولة نفوذا أكبر من أي دولة مثلها على مستوى العالم. وتأتي استضافتها للمركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف “مركز هداية”  ليعزز صوت الإمارات في أصقاع العالم.

وتعتبر الخطة الخمسية للمساعدات الخارجية التي وضعتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات أوضح مثال على سياسة القوة الناعمة التي تعتمدها الدولة. فخطة المساعدات الخارجية التي ستنتهي في عام 2021 تؤكد على ضرورة تمكين المرأة وحمايتها وعلى أهمية النقل والبنية التحتية الحضرية والتعاون الفني.

وكما صرحت معالي وزيرة الدولة للتعاون الدولي، ريم الهاشمي، فإن “دولة الإمارات تسعى إلى تأسيس نهج جديد يقوم على تقديم المساعدات من خلال تنفيذ المشروعات التنموية التي تصب في مصلحة الدول المستفيدة.. وقد حددت القيادة الإماراتية الرشيدة نهجا واضحا يقوم على عدم ربط المساعدات الإنسانية التي تقدمها الدولة بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة لها بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب ما جعل الدولة تحظى باحترام وتقدير بالغين في كافة المحافل الدولية”. 

وليس هناك أدنى شك في أن التحديات ستتواصل لوضع دولة الإمارات على المحك ولكن ثقافتها الداخلية القوية ستضمن وحدتها وستبث روحا وطنية جديدة وقوة معنوية في نسيج الجبهة الداخلية. ويرى باحثو العلوم السياسية أنه كلما تقاربت وجهة نظر الحكومة مع وجهة نظر الشارع في أي دولة كلما كانت الدولة أقوى .

وتعتبر دولة الإمارات واحة للأمن والأمان في منطقة مليئة بالاضطرابات، وذلك بفضل قوة وحدتها الوطنية ومتانة العلاقة بين المواطن وقيادته، الأمر الذي يمكن الدولة من التحرك اعتمادا على استخدام سياستها الفريدة لتحقيق الأمن. إن حرص دولة الإمارات على إعطاء المثل والقدوة فيما يتعلق بقيمها ومبادئها على الساحة الدولة واعتماد ثقافة وطنية قوية سيمنحان الدولة القدرة على التقدم والازدهار رغم كل التحديات. فالإمارات دولة تعتمد على القوة الذكية، وتحرص على أن تكون قدوة في قيادتها للعالم.