الأحد 01 أبريل 2018

من السهل تشتيت الانتباه عن التفكير الاستراتيجي، لذا دعونا نركز هنا على العتاصر الأساسية لهذا التفكير. وتعرّف الاستراتيجية بأنها عملية نربط فيها بين الغايات والطرق والوسائل على مستويات مختلفة من النشاط. ونحن نفعل ذلك استشرافاً للتهديدات والفرص والتحديات.
فالغايات هي الأهداف أو الأغراض، ويمكن أن تشمل الأمثلة عليها: دحر التطرف المصحوب بالعنف.، والتنويع في النمو الاقتصادي، ومنع الهجمات الكارثية، ومكافحة التمرد.
 
أما الطرق فتشمل الطرق التي نستخدم فيها الموارد لتحقيق هذه الغايات، وغالباً ما توصف بأنها المقاربات تجاه الاستراتيجية، وبالتالي فهي في الغالب ما تعرف أو تسمى بها الاستراتيجية. وفيما يتعلق بالنهايات المذكورة آنفاً، فإن أمثلة الطرق يمكن أن تكون مباشرة أو غير مباشرة، وقائمة على المعرفة أو قائمة على الطاقة، وطريقة التدمير المؤكد أو الاستجابة المرنة، وتتمحور حول السكان أو تستهدف العدو.
 
وفيما يتعلق بالوسائل فهي الموارد التي نستخدمها، والتي يجب أن يتناسب تنوعها مع الطرق والغايات. ويمكن أن تشمل الأمثلة فيما يتعلق بالطرق والغايات المذكورة سابقاً: الشرطة، والتربويين، والقادة المدنيين، والمنافسة المالية، والعمالة الماهرة، ومتعدي المشروعات الريادية الذين يتحملون المخاطر، والقوات العسكرية، ومحللي المعلومات الاستخياراتية، والدبلوماسية العامة، والمحاكم الموثوق بها.
 
وإذا أردنا تعزيز المرونة، فلا بد لنا من دراسة الاحتمالات التي قد تكون فيها الغايات والطرق والوسائل قابلة للتبادل والتغيير، بدلاً من تصنيف شيء ما بشكل حصري كهدف أو طريقة أو وسيلة. ومن الصعب القيام بذلك إذا كنا منظمين أو مبرمجين لتأطير الاستراتيجية أو إدارتها بطريقة معينة. ولمحاربة هذا الاتجاه، يمكن التفكير بإحدى الغايات المذكورة أعلاه، وهي «تنويع النمو الاقتصادي» ، باعتباره إما: غاية ذات قيمة في حد ذاتها (مثل: التنوع جيد)، أو أنه طرق مختلفة (مثل، مدى تنوعها وفي أي القطاعات؟)، وكوسيلة لتحقيق غايات أخرى (مثل تقليل الاعتماد).
 
في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين لتعزيز مشاركة المفاهيم العامة المشتركة للاستراتيجية، فإننا نحتاج أيضًا إلى التفكير بشكل مختلف خشية أن نفاجأ بإعادة ترتيب الخصم من جديد للغايات والطرق والوسائل. على سبيل المثال، نتيجة للاعتقاد السائد على نطاق واسع بما أكده كلاوزفيتز من أن الحرب هي استمرار للسياسة، قد ينظر بعض الاستراتيجيين دائمًا إلى السياسة باعتبارها الغاية النهائية للحرب. لكن ترى بعض الفئات أن الحرب يمكن أن تكون استمرارًا للأولوية الاقتصادية. 
 
أو يمكن أن تكون السياسة وسيلة لحرب اجتماعية وسيلتها الرئيسية هي تدمير العلاقات وإنشاؤها. ماذا بشأن حادث إلكتروني عبر الإنترنت يدمر الشبكات الافتراضية للعلاقات، ويخفض مستويات المعيشة، ويحرم الناس من الضروريات الأساسية؟ لا يتناسب هذا الهجوم مع التوقع بأن تكون الحرب عنيفة، ولذلك فنحن بحاجة إلى التفكير خارج نطاق غاياتنا وطرقنا ووسائلنا.
 
تقوم الحملة الشاملة بتنظيم مختلف الطرق والوسائل لتحقيق غايات استراتيجية، حيث نخطط بشكل أساسي لأنشطة مختلفة تهدف لإيجاد ظروف تؤدي إلى تحقيق الأهداف. أما المقاربة التشغيلية فتتضمن وصف الظروف المطلوبة وخطوط النشاط التي تسهم في نشوئها. ويمكن وصف الظروف أو الأحوال المطلوبة بأنها الأوضاع أو الغايات النهائية التي تتصف بميزتين مهمتين، أولاهما، أن المحافظة على وضع نهائي هي في الواقع عملية ديناميكية تتطلب موارد مختلفة، وثانيهما، أن توفر الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة في الوضع النهائي للجهات الفاعلة فرصاً لإعادة ترتيب استراتيجياتها.
 
إذا أردنا أن تكون لدينا استراتيجية تنافسية فإننا نحتاج إلى التفكير في التفاعل الدائم بين الغايات والطرق والوسائل. ومع وضع هذه الأساسيات في الاعتبار، سوف تتضمن المقالة التالية استراتيجية التأثيرات المشتركة.