الجمعة 01 أغسطس 2014

تعتبر الاستراتيجيات عديمة الفائدة دون تنفيذ فعال، ولذلك فإن القادة الاستراتيجيين بحاجة إلى فهم أدوات القوة الوطنية والطرق التي يمكن أن تستخدم لتنفيذ السياسات. وأفضل تعريف للقوة الوطنية هو تعريف جوزيف س. ناي الابن، بأنها "القدرة على التأثير في النتائج التي تريدها، وإذا لزم الأمر، لتغيير سلوك الآخرين لتحقيق ذلك." والأغلب أن التنفيذ على المستوى الوطني ينطوي على واحدة أو أكثر من أربع أدوات رئيسية للقوة: الدبلوماسية والاقتصاد والمؤسسة العسكرية والمعلومات.
 
فالدبلوماسية هي الإدارة المستمرة للمفاوضات فيما يتعلق بمجموعة القضايا الوطنية كلها بين ممثلي الدول. ويتم عادة التفاوض على المعاهدات الدولية بواسطة الدبلوماسيين قبل إقرارها من قبل القادة الوطنيين. ويمثل الدبلوماسيون دولهم من خلال سفارات في جميع أنحاء العالم وداخل المنظمات الدولية، والحفاظ على الحوار الذي يهيمن على العلاقات الخارجية؛ أما توقف الدبلوماسية فإنه يؤدي عادة إلى النزاع. وعلى صعيد أقل رسمية فإن الدبلوماسية تستخدم اللباقة لكسب ميزة إستراتيجية، أو لإيجاد حلول مقبولة للتحديات الوطنية.
 
أما القوة الاقتصادية الوطنية فهي تخصيص الموارد، وتوزيع حصص السلع والخدمات، لأسباب تتعلق بالسياسة أو لتعزيز الأهداف الوطنية. وقد يشمل ذلك الضغوط الاقتصادية أو العقوبات، فضلاً عن حوافز اقتصادية؛ مثل المساعدات والعلاقات التجارية المواتية. ويتم التحكم بالأداة الاقتصادية للسلطة الوطنية جزئياً فحسب من قبل الأجهزة الحكومية، والواقع أن القطاع الخاص (قطاع الأعمال) يملك قوة اقتصادية كبرى من خلال الاستثمار والتجارة الخارجيين، اللذين قد لا يخضعان لضوابط وطنية، ومع ذلك فإن القوة الاقتصادية، بالنسبة للعديد من الدول، هي أداتها الأكثر تأثيراً في فن الحكم. 
 
تعتبر القوة العسكرية أكثر من مجموع القوات المسلحة للدولة. وينبغي أن تشمل القوة العسكرية قدرات الاستخبارات والمراقبة ومبيعات الأسلحة، والتدريب العسكري الدولي والتعليم والقدرات الأخرى المشابهة التي تستطيع الدول استخدامها للتأثير في الدول الأخرى التي تستخدم موارد دفاعية. وفي شكلها النهائي، تهيمن القوة العسكرية (ولكن لا تحل مطلقاً محل) الأدوات الأخرى في وقت الحرب، ولكن يمكنها أيضاً تطوير نفوذ كبير في وقت السلم.
 
وتشمل قوة المعلومات الوطنية الجهود الرامية لإشراك الجماهير في إقامة ظروف مواتية للنهوض بالمصالح الوطنية من خلال استخدام رسائل معدة خصيصاً. وهي تشمل تقليدياً الشؤون العامة، والدبلوماسية العامة، وعمليات المعلومات، وجهود الاتصالات الأخرى. ويمكن أن تكون المعلومات أداة قوية جداً في السياسة الخارجية، من البيان الصحفي الأكثر بساطة، إلى الخطب التي يلقيها الزعماء الوطنيون، إلى الرسائل المرسلة من خلال السفراء أو المبعوثين الآخرين، إلى أساليب أكثر تعقيداً مثل التضليل والدعاية وحتى العلامات التجارية الوطنية. 
 
يجادل بعض المحللين بأن إنفاذ القانون أو الاستخبارات ينبغي اعتبارها أدوات لفن الحكم، ولكن هذه القدرات تندرج في معظم الحالات ضمن واحدة من الأدوات الأربع الأخرى المذكورة أعلاه. على سبيل المثال، تم استخدام القانون الدولي كأداة للحصول على عودة الجزر الثلاث المحتلة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن تم متابعة هذه الجهود إلى حد كبير باستخدام أدوات دبلوماسية. لقد استخدم علماء، مثل كولين جراي، مصطلحَيْ القوة "الصلبة" و "القوة الناعمة"، حيث يتم تحقيق القوة الأولى من خلال التهديد بالقوة العسكرية أو الاقتصادية أو استخدامها، أما الثانية فيتم اكتسابها من خلال النفوذ أو عن طريق استمالة الآخرين لتبادل القيم (وغالباً من خلال استخدام الدبلوماسية والمعلومات) والرجوع إلى أجندة مشتركة للأمن الدولي. 
 
وتنطوي القوة الصلبة في رأي جراي على تكاليف وفوائد يمكن حسابها، بينما تعمل القوة الناعمة بمهارة أكبر من خلال الإقناع والأفكار الجذابة. وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، لعل التأثير الثقافي أيضاً يلعب دوراً هاماً في ممارسة القوة. وليس هناك شك في أن دولة الإمارات العربية المتحدة يمكن أن تمارس قوة ناعمة كبيرة بين الدول الأخرى من خلال ضرب مثال أو اتخاذ موقف يرمي للانسجام مع القيم الثقافية. كما أن التنسيق الفعال لهذه الأدوات الأربع لتحقيق المصالح الوطنية هو التحدي الأقصى للقيادة الوطنية.