الثلاثاء 01 أبريل 2014

يشمل المشهد الاستراتيجي العام أكثر من مجرد الدول، فالمنظمات الحكومية الدولية – التي هي عبارة عن مجموعات مكونة من دول ذات سيادة – تتولى دوراً حساساً في الساحة العالمية. وسوف يكتسب فهم قوة هذه المنظمات ونفوذها أهمية حيوية لدولة الإمارات العربية المتحدة لضمان أمنها خلال العقود القادمة.
 
وتعتبر المنظمات الحكومية الدولية (لا تشمل المنظمات غير الحكومية مثل المؤسسات غير النفعية أو الهيئات) مختلفة عن التحالفات (مثل الثمانية الكبار)؛ لأنها تأسست من خلال معاهدات تعتبر بمثابة مواثيق لها. وكذلك تختلف المنظمات الحكومية الدولية عن تجمعات المعاهدات البسيطة (مثل الاتفاقية العامة للتعريفات العامة والتجارة) التي لا تقيم أي هيكل تنظيمي وتعتمد فقط على الدول الأعضاء في إدارتها، كما أنه ليست جميع المنظمات الحكومية الدولية عالمية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية. وتحظى منظمات إقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية، بنفوذ مهم.
 
بإمكان المنظمات الحكومية الدولية أن تمثل دولها الأعضاء، وتعتبر مؤسسات ذات صفة دائمة، ولعل الأمر الأكثر فائدة أنها تسهم في تسهيل التعاون المتعدد الأطراف. ولسوء الحظ فإن من شأنها أيضاً أن تدفع الدول إلى التنازل عن شيء من سيادتها، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف السلطة الوطنية. وأحياناً يمكن أن يسمح عدم المساواة أيضاً للدول القوية بإساءة استخدام هذه المنظمات، ومع ذلك فإن بإمكان المنظمات الحكومية الدولية أن تطور إجراءات لتسوية النزاعات، وتستطيع معاقبة من ينتهك القوانين. 
 
كما تستطيع المنظمات الحكومية الدولية أن تؤدي أدواراً رئيسية في التفاوض بين الدول، وتسهيل المفاوضات، ورعاية مقاربات مشتركة. كذلك تستطيع هذه المنظمات المساعدة على وضع مبادئ دولية مفيدة وسوابق إيجابية للأنظمة الدولية المستقبلية.
 
تم إنشاء منظمة الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لتعزيز التعاون الدولي ومنع حدوث صراعات. في البداية كانت الأمم المتحدة تضم 51 دولة عضواً، أما الآن فهناك 193 دولة، وتشمل أهدافها الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتعزيز حقوق الإنسان، ورعاية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحماية البيئة، وتقديم المساعدات الإنسانية. وتمارس الأمم المتحدة وظائفها من خلال خمسة أجهزة أساسية، هي: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والأمانة العامة، ومحكمة العدل الدولية.
 
ثمة منظمتان حكوميتان دوليتان إقليميتان تستحقان التركيز، وهما: جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. تشكلت جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1945 بست دول أعضاء، أما الآن فتضم 22 دولة عضواً، بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة. وتتلخص الأهداف الرئيسية للجامعة العربية في تحسين العلاقات والتعاون بين الدول الأعضاء لحماية الاستقلال والسيادة، وتعزيز مصالح الدول العربية. وتسهم جامعة الدول العربية في تسهيل البرامج السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والاجتماعية، وتقوم بدور المنبر لتنسيق السياسات، والحد من الصراعات، وتسوية النزاعات، كما فعلت خلال الشهر الماضي من خلال دعمها سيادة دولة الإمارات العربية على الجزر الثلاث المحتلة.
 
وتملك الجامعة عناصر البرلمان ولكنها تترك الشؤون الخارجية للتعامل معها تحت إشراف الأمم المتحدة. وقد أقر ميثاق جامعة الدول العربية مبدأ وطن عربي مع احترام سيادة دولها الأعضاء، وبالتالي فإن الحوكمة داخل جامعة الدول العربية تعزز دور المنظمات الحكومية الدولية وسيادة الدول الأعضاء على حد سواء.
 
أما مجلس التعاون لدول الخليج العربية فهو اتحاد سياسي واقتصادي لدول عربية تأسس هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1981، وتشمل أهداف مجلس التعاون التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، وتطوير أنظمة مشتركة في مختلف الميادين (بما في ذلك الشؤون الاقتصادية، والتجارة، والجمارك، والاتصالات، والشؤون الاجتماعية والصحية، والسياحة، والشؤون الإدارية) لحفز التقدم. ونتيجة للترابط بين طبيعة أمن دول  مجلس التعاون، برهنت هذه الدول على التعاون العسكري، وهناك جهود جارية لزيادة العمل الموحد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
 
لهذه الأسباب جميعاً يمكن أن تستفيد الدول من نقاط القوة في المنظمات الحكومية الدولية، وينبغي أن تكون حذرة من نقاط ضعفها. تعتبر منظمة الأمم المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية منظمات حكومية دولية، ويجب أن تسعى لتعزيز أمن دولة الإمارات العربية المتحدة ما دامت تتعاون بما ينسجم مع المصالح الوطنية للدولة. كما ينبغي أن يفهم الخبراء الاستراتيجيون كيف يعملون ضمن المنظمات الحكومية الدولية لتحقيق مثل هذا التعاون لضمان الأمن الوطني.