الثلاثاء 01 يوليو 2014

يعتبر وضع رؤية مستقبلية إحدى المهام الأساسية لكل قائد استراتيجي. وتتطلب صياغة مثل هذه الرؤية فهم الظروف الجيوسياسية المستقبلية، واختيار أفضل نهج لتحقيق المصالح الوطنية. وللقيام بذلك على نحو فعال، يتعين على الزعماء فهم كيف يمكن أن تستخدم السلطة الوطنية وكيف يمكن توزيع السلطة داخل النظام الدولي في المستقبل.
 
 
ومن العوامل الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على الديناميكية الإستراتيجية في الخليج العربي دور الهند. فبعد انتخاب ناريندرا مودي مؤخراً في الانتخابات العامة في الهند عام 2014، يمكن لتلك الأمة الضخمة أن يكون لها دور مستقبلي مختلف للغاية في ديناميكية القوة الإقليمية. 
 
 
على الصعيد العسكري، تعتبر الهند بالفعل قوة نووية، وهي تقوم بتوسعة قدراتها التقليدية. فقد شهدت الميزانية البحرية الهندي نمواً بنسبة 75 في المئة؛ مما يزيد في مداها الاستراتيجي. وتقوم الهند ببناء نظام اتصالات جديد لغواصاتها، وسوف يسهم القمر GSAT-7، أحدث أقمارها الصناعية، في إكسابها قدرات مهمة في الاتصالات الإقليمية. ولعل الأمر الأهم أن الهند قامت، في أغسطس الماضي، بتدشين أول اثنتين من حاملات الطائرات من طراز فيكرانت Vikrant.
 
 
وتقوم القوات الجوية الهندية أيضاً بتحديث أنظمتها، وتطوير الطائرات الموجودة، واستحداث معدات جديدة. وسوف يكون لديها قريباً طائرات رافال وسوخوي مقاتلة جديدة، وطائرات نقل من طراز C-17 Globemaster III ، وطائرات التزود بالوقود من طراز ايرباص A330 ، وطائرات مقاتلة بدون طيار UCAV. وقد قامت الهند بتطوير الصواريخ الباليستية، وأيضا بتطوير صاروخ كروز جديد. وتسهم هذه النظم جميعاً في زيادة الرقعة الجغرافية للدولة الهندية. 
 
 
ويعتبر السياق الدولي للهند كبيراً أيضاً. فهي بفضل حجمها وموقعها وإمكاناتها الاقتصادية، تتمتع بتأثير هائل محتمل في المنطقة، وإن السياسات الهندية المتعلقة ببنغلاديش في عام 1971، وسريلانكا في عام 1987، وجزر المالديف في عام 1988، تظهر استعداد الهند للانشغال في الشؤون الإقليمية. وقد اتخذ نواز شريف، رئيس وزراء باكستان، خطوة جريئة لحضور أداء اليمين من قبل رئيس الوزراء «مودي» في مراسيم احتفالية، الأمر الذي يحتمل أن يفتح الباب لتحسين العلاقات بين البلدين المتنافستين تقليدياً، ولعله يطلق يد الهند لمزيد من العمل الإقليمي بوجود حدود آمنة. 
 
 
ولعل التقارب الأخير بين إيران ومجموعة 5 + 1، والاضطرابات الكبرى في العراق وسوريا (حيث تأتي إيران لمساعدة العراق)، وموقف روسيا العدائي في أوكرانيا، والتحديات الداخلية الكبرى في لبنان وفلسطين والأردن، كل ذلك  يشير إلى تغيرات دينامية يمكن أن تحدث على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما قد يدفع الهند إلى التحرك. بطبيعة الحال، يمكن لنهوض الهند أن يوفر مزايا قوية لدولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً، لاسيما كعامل موازن للصين، كشريك تجاري، وكمصدر هام للاستثمار. 
 
 
إن الانفجار السكاني الهندي يتطلب المزيد من المدارس وفرص العمل فيها، ونمو اقتصادها، الأمر الذي يعتبر ضرورياً لإطعام سكانها، وسوف يرهق موارد قوتها بدرجة كبيرة، أما إذا لم تستطع الهند التغلب على هذه التحديات، فقد تنشأ قريباً ديناميكية إقليمية جديدة لها تأثير كبير على ازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة. وينبغي أن يكون الخبراء الإستراتيجيون الحكيمون على استعداد للتغيير، وأن يعملوا على صياغة العلاقات الهندية لأجل ازدهار البلدين.